احتجاجات Gen Z212، غياب القيادة، فرصة لبلورة طاقات نضالية

                                                                                                                               الجمعة 03 أكتوبر 2025

آلت الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية إلى تفجير مظاهرات في الشوارع تحت مسمى Gen Z، فيها عبر الشباب عن سخطهم حول الأوضاع الإجتماعية (التعليم، الصحة، الفساد) من خلال رفع شعارات تفضح واقع هذه القطاعات التي أنهكتها الخوصصة.

جدير بالذكر أن المطالب المرفوعة من قبل الشباب Gen Z عن تحسين وإصلاح القطاعات والمؤسسات العمومية، لم تكن وليدة اللحظة، بل أن تاريخ الشعب المغربي مليء بالمحطات الإحتجاجية التي رفعت فيها نفس المطالب في نحسين شروط العيش وتعليم يرقى لتطلعات الشعب وصحة مجانية وشغل قار وللجميع. إبتداءا من إنتفاضة 23 مارس 1965 التي عبر الشعب المغربي بجميع فئاته عن رفضه الصارخ لمخططات مؤسسات النظام القائم بالمغرب في المنظومة التعليمية، كذلك إنتفاضة 1981 و1984 اللتان كانا نتيجة سياسة ما يعرف برنامج التقويم الهيكلي الذي عمد في أساسه على فرض ضرائب مباشرة وغير مباشرة على المواد الإستهلاكية. نفس الشيء، في إنتفاضة فاس 1990 وحركة 20 فبراير 2011 وحراك الريف 2017، ترفع المطالب نفسها دون تحفيق أدنى المكتسبات.



فإن كان لحركة الإحتجاجية مسعى تبتغي الوصول إليه، حتى وإن كان هذا المسعى محصور في إصلاحات جزئية، أين يكمن نقص هذه الحركات الإحتجاجية التي تنفجر من صلب معانات الشعب دون تحقيق مكتسبات المرجوة

لن نغوص في تحليل أو تقييم أو إعطاء قراءة حول واقع هذه الحركات أو دراسة تناقضاتها التي أفرزتها ولا حتى فهم القوى الفاعلة فيها، بل سنكتفي بإشارة هامة وهي أن أي حراك شعبي لا بد أن تتوفر فيه شروط إستمراره.

ونقصد بهذه الشروط، أولا، الشرط الموضوعي الذي يعمل كوقود لأي حركة في عملية نموها ، والذي يفرز من معانات وتذمر الجماهير المسحوقة من واقعهم المعيشي، ثانيا الشرط الذاتي هو الشرارة في عملية إشعال الحركة وقيادتها وتعبئتها والعمل على تأطيرها وتثقيفها، وما إلى ذلك من المهام الملقات عليها في لعب دورها كقيادة، هذه الشروط هي التي تعتمل في علاقتها الجدلية على خلق بؤر للنضال والإحتجاج، قادرة على تعميق وتوسيع مواقع تواجدها،

وفي تقديرنا فإن كل الحركات الإحتجاجية بالمغرب نقيصتها الأساسية، هي إنعدام أو تخادل القيادة في عملية تأطير المعارك النضالية الإحتجاجية، وبالتالي غياب الشرط الذاتي الذي يشكل الحلقة المفقودة في إكتمال سلسلة قانون الحركة.

فإنتفاضة 23 مارس 1965 التي فجرتها الأوضاع الإجتماعية بشكل عام وقرار وزير التعليم بشكل خاص، إندلع لهيب الإنتفاضة التي لم تجد قيادة تؤطرها رغم جذريتها. فجُهضت موضوعيا بفعل الركوب عليها من خلال مساومات نظام الحكم مع حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (الذي كان من الداعمين للانتفاضة ) وحزب الاستقلال، نفس الواقع حصل في إنتفاضة 1984 التي دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لإضراب عام، فتحول هذا الإضراب لحين غرة إلى إنتفاضة شعبية في العديد من المدن، الشيء الذي جعل هذه النقابة تنسحب وتتبرأ مما أل إليه الإضراب، ليلقى الشعب المغربي نفسه يواجه النظام بالصدور العارية، وصل الأمر لارتكاب أحدى أبشع المجازر التي مرت في تاريخ المغرب.



وفي الوقت الحالي، تتجدد إشكلية غياب قيادة جماهيرية في الحركة الإحتجاجية المعروفة حاليا Gen Z212، في ظل تواجد أحزاب عاجزة عن فعل هذا الدور (دور التأطير والقيادة)، نقابات مشلولة تنخرها الفوقية والبيروقراطية، جمعيات وهيئات متجاوزة.

وبالتالي، الضرورة تفرض بناء أداة يكون بمقدورها تعبئة وتأطر الجماهير الشعبية (الشبابية) وبلورة طاقاتهم بالعمل على تثقيفهم وتجاوز عفويتهم.

Comments

Popular posts from this blog